ايا صوفيا هي واحدةً من أكثر المعالم التاريخية سحرًا في العالم، فهي تحفةٌ معمارية جمعت بين حضارات مختلفة عبر أكثر من 1500 عام من كاتدرائية بيزنطية عملاقة إلى مسجد عثماني مهيب، ثم متحف فريد، وصولًا إلى رمز ثقافي يستقطب ملايين الزوار سنويًا، في هذا الدليل الشامل، سنأخذك في رحلة عبر تاريخ ايا صوفيا الغني، ونستعرض أبرز معالمها الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى أهم النصائح التي تساعدك على التخطيط لزيارة لا تُنسى إلى هذا الصرح الخالد في قلب إسطنبول.

نبذة عن ايا صوفيا

ايا صوفيا، أو جامع ايا صوفيا عُرف في العصر العُثماني باسم الجامع الكبير الشريف لايا صوفيا، كان في العصر العُثماني يُطلق عليه الجامع الكبير الشريف لآيا صوفيا، أمّا في العصر البيزنطي يُسمى آيا صوفيا التي تُعنى كنيسة الحكمة الإلهيّة وهو مبنى تاريخي للعبادة يقع على الضفّة الأوروبيّة في مدينة اسطنبول، تمَّ إنشائه في العصر البيزنطي ليكون كاتدرائيّة للبطريركية المسيحية الأرثوذكسيّة ثمَّ تحول لاحقًا إلى كاتدرائيّة رومانيّة كاثوليكيّة وبعد فتح القسطنطينيّة تحوّل إلى مسجد عثماني وبعد قيام الجمهوريّة التركيّة تحوّل إلى مُتحف إلّا أنّه أُعلن عن إعادته مسجدًا اعتبارًا من 24 يوليو عام 2020 بعد إصدار حُكم المحكمة الإداريّة العُليا في تركيا.

موقع آيا صوفيا

يقع جامع ايا صوفيا في القسم الأوروبي من مدينة اسطنبول في منطقة السلطان أحمد على مقربة من سوق بيازيد الذي يُعرف باسم غراند بازار وحديقة غولهانة الشهيرة ومنطقة إمينونو السياحيّة، كما يطل على ميناء القرن الذهبي ومدخل البوسفور وإلى جانبه يقع قصر "طوباقي سراي" وإلى الجنوب منه يوجد مسجد السلطان أحمد الذي يُعرف ب الجامع الأورق وبالقرب منه مسجد سليمانية ومسجد شاه زاده محمد والأسواء التاريخيّة.

التصميم المعماري لآيا صوفيا

يبلغ طول مبنى آيا صوفيا نحو 82 مترًا بينمات يبلغ عرضه نحو 73 مترًا في أعلى نقطة للسقف، ويصل امتداد انحدار السقف نحو 55 مترًا، تمَّ بناؤها بمُشاركة نحو 10,000 عامل وتحت إشراف مُهندسين من أصول آسيويّة وهُما؛ إزيدروس وأنتيموس ويتخّذ مسقطها الأفقيّ شكلاً مستطيلاً، أمّا مركز المبنى فيتّخذ شكلاً مربعًا يصل طول ضلعه إلى نحو 33 متر وأعلى هذا الجزء توجد القُبّة الضخمة التي ترتفع 54 متر وتُحيط بقاعدتها 40 نافذة بالإضافة إلى وجود قُبتين تقِلان عن القُبة الرئيسيّة في الحجم وترتكزان على انحناءين جانبيين يتصفان بحجمها الكبير علمًا بأنَّ هنالك قبوان مُمتدان بشكلٍ مُتعامد على القبّة الضخمة والجدير بالذكر أن المبنى والقبّة تتزيّنان بأنواع الرخام ذي الألوان المُتعدّة ويكسو أرضيّاته البلاط المُلوّن من الموزاييك بتصميم هندسيّ جذّاب.

تاريخ ايا صوفيا

بُنيت كنيسة آيا صوفيا في عام 537م بطلب من يوستينيانوس الأوَّل؛ الإمبراطور البيزنطي آنذاك كي تكون صرحًا رئيسيًا للدولة المسيحيّة البيزنطيّة ومعلمًا للعاصمة القُسطنطينيّة حيث مثَّلت حينها رمزًا معماريًا دينيًا فكانت دلالة هامّة على قوّة الدولة الرومانيّة الشرقيّة، والجدير بالذكر أنَّ هذا الصرح ظلَّ يُستخدم على أنَّه كنيسة حتى عام 1453م إلى حين دخول القائد العثماني الشهير محمد الفاتح إلى المدينة فجعل من ايا صوفيا مسجدًا، وجامعًا إسلاميًا يرمز بدوره إلى هيمنة الدولة العثمانيّة وقوّتها وبدأت تؤدى فيها العبادات الإسلاميّة حتى عام 1923م حيث انهارت الخلافة العثمانيّة واستلم مصطفى كمال أتاتورك الحُكم في البلاد فأنشأ جمهوريّة علمانيّة وحوَّل مسجد ايا صوفيا في عام 1935م إلى متحف يضم العديد من التحف الإسلاميّة والمسيحيّة.

عناصر التصميم الداخلي لآيا صوفيا

1- القبة

قام المُهندسون المعماريّون بتصميم قبة مركزيّة هائلة باستخدام طريقة بناء غير مألوفة تُسمى المُلثات وهو عبارة عن مثلث منحني يتكوّن من تقاطع القبّة مع الأقواس الداعمة لها وتُعتبر قبّة آيا صوفيا رائعة الجمال والتطوّر في ذاك الوقت فقد مكانت قبّة صخمة تبدو وكأنها مُعلقة في الهواء يصل ارتفاعها إلى 32 مترًا.

2- الفُسيفساء

اشتهر مبنى آيا صوفيا بالفُسيفساء التي تُزيّن جدرانه الداخليّة والفُسيفساء هي عبارة عن العديد من البلاط الصغير مُختلف الألوان والذي يتم وضعه لتشطيل الأشكال والزخارف الفنيّة، فضلاً عن كونها تُعتبر من روائع الفن فقد كانت الزخارف المُستخدمة في إنشاء الفُسيفساء صور إمبراطوريّة ودينيّة للمسيح.

3- الرخام

استُخدمت العناصر الرخاميّة في بناء ايا صوفيا وكانت أيضًا لأغراض الديكور وتُعتبر الاعمدة الرخاميّة من القطع الهامّة في الزخرفة وقد تمَّ إحضار العديد منها من مناطق بعيدة وجزء كبير من حوائط ايا صوفيا مُغطّة بألواح من الرخام بأنواع وألوان عدّة.

4- الإضاءة

تمَّ تصميم الإضاءة المُميزة لايا صوفيا من خلال بناء 40 نافذة مقوّسة مبنية حول الممرات في قاعدة القُبة وتمتد الفتحات المُقوّسة في الغرب والشرق من المبنى على شكل نصف قِباب.